مــن أنـوار التنــزيـل (8) : سورة البقرة

اخر تحديث : 17/06/2014
من قبل | نشرت في : الدين,تونس

من انوار التنزيل

بقلم الشيخ بشير طبابي

الحمـد للّــه اللطيــفِ الــرؤوفِ المنــانْ، الغنــي القــويِ السلطــانْ، الحليــمِ الكريــمِ الرحيــمِ الرحمــانْ، الأولِ فــلا شـــيء قبلــه والأخرِ فلا شــيء بعـــده، والظاهرِ فلا شــيء فوقــه، والباطنِ فلا شــيء دونــه ، أرسـي الأرضَ بالجبــالِ فــي نواحيهــا وأرســلَ السحــابَ الثقــالَ بمــاءٍ يحييها ثــمَّ قضــي بالفنــاءِ علــي جميعِ ساكنيها، ليجــزيَ الذيــن أســاؤوا بما عملــوا ويجــزيَ الذيــن أحسنــوا بالحسني ، وأشهــد أن لا إلــه إلا اللّــه وحــده لا شريك له، ، لا مانــع لمـا أعطــي ولا معطــي لمـا منــع ، وأشهــد أن سيــدَنا وحبيبَنـــا وإمامنــا وقـــدوتنــا وأسوتَنــا محمـــدٌ رســولُ اللّــه عِترتُـــه خيــرُ عِتــرة، وسيِرتــه خيــرُ سيــرة، ، أرسلــه اللّــه بشيـــرا ونذيـــرا وداعيــا إليــه بإذنــه وسراجـــا منيــرا، ، فصلــواتُ اللّــه عليه وعلــي آلـــه وصحبـه الغــر المياميــن ومن تبعهــم بإحســانٍ إلــي يــومِ الديــن.
إخـوة الإيمـان تعـالـوا بنـا لنـواصـل الطّــريـق فـي أنــوار القــرآن فـي ســورة البقــرة يقــول اللّـه تعـالـى بعـد أعـوذ باللّـه السّميـع العليـم مـن الشيطــان الـرّجيــم « إنّ الـذيـن كفــروا ســواء عليهــم أأنــذرتهــم أم لـم تنــذرهـم لا يــؤمنــون ختــم اللّـه علـى قلـوبهـم وعلـى سمعهــم وعلـى أبصــارهــم غشــاوة ولهــم عــذاب عظيــم » .
« إنّ الّذيــن كفـروا » أي إنّ الّذيـن جحــدوا بآيــات اللّـه وكـذّبـوا بـرسـالــة محمّــد صلّـى اللّـه عليـه وسلّــم ســواء عليهــم أن يتســاوى عنــدهــم.
« أأنــذرتهــم أم لــم تنــذرهــم » أي ســواء حــذّرتهــم يـا محمّــد مـن عــذاب اللّـه أو خــوّفتهــم منـه أو لــم تحــذّرهــم.
« لا يــؤمنـون » أي لا يصــدّقــون بمـا جئتهــم بــه. فــلا تطمــع فـي إيمـانهــم ولا تــذهــب نفســك عليهــم حســرات وفـي هــذا تسليــت للنّبـيّ صلّـى اللّـه عليــه وسلّــم عـن تكــذيـب قــومــه لــه.
ثــمّ بيّـن تعـالـى العلّــة فـي عــدم سبــب الإيمـــان فقــال « ختــم اللّــه علـى قلــوبهــم » أي طبــع علـى قلــوبهــم فــلا يــدخـل فيهـا نــور ولا يشــرق فيهـا إيمــان. الختــم هــو التغطيّــة والطّبــع وذلــك أنّ القلــوب إذا كثــرت عليهـا الـذّنــوب طمــس نــور البصيــرة فيهــا فــلا يكــون للإيمــان إليهــا مسلــك ولا للكفــر عنهــا مخلّــص كمـا قــال تعـالــى « بــل طبــع اللّــه عليهـا بكفــرهــم« 
« وعلـى سمعهــم وعلـى أبصـارهــم غشــاوة » أي وعلــى أسمـاعهــم وعلـى أبصـارهــم غطــاء فـلا يبصــرون هــدى ولا يسمعــون ولا يفقهــون ولا يعقلــون لأنّ أسمـاعهــم وأبصـارهــم كأنّهـا مغطّــاة بحجــب كثيفــة لــذلــك يــرون الحــقّ فـلا يتّبعــونــه ويسمعــونــه فــلا يعــونــه . قــال أبــو حيّــان شبّــه اللّــه تعـالـى قلــوبهــم لتـأبّيهــا عـن الحــقّ وأسمـاعهــم لإضــرابهـا عـن سمــاع داعــي الفــلاح وأبصـارهــم لامتنــاعهـا عـن تلمّــح نــور الهــدايــة بالــوعــاء المختــوم عليــه المســدود منـافــذه المغطّـى بغشــاء يمنــع أن يصلــه مـا يصلحــه وذلــك لأنّهـا كـانــت مـع صحّتهــا وقــوّة إدراكهــا ممنــوعـة عـن قبــول الخيــر وسمـاعــه وتلمّــح نــوره وهــذا بطــريــق الاستعــــارة
« ولهــم عــذاب عظيــم » الكـافـرون لهـم فـي الآخـرة عــذاب شــديــد لا ينقطــع بســبب كفـرهـم وإجــرامهــم وتكـذيبهــم بآيـــات اللّـه واللّــه ورســولـه أعلــم.
نسـأل اللّــه تعـالـى أن يجعلنـا مـن المتّقيــن وأن يجعــل القـرآن العظيــم ربيــع قلـوبنـا وذهـاب غمـومنــا وجــلاء أحــزاننـا . نسـألـه تعـالـى تخلّـق القـرآن وحفظــه والعمــل بــه والجهــاد تحـــت لــوائــه أقـول قــول هــذا وأستغفــر اللّـه العظيــم لـي ولكـم وعلـى أن ألقـاكــم فـي حلقــة جــديــدة أستــودعكــم اللّـه الّـذي لا تضيــع ودائعــه والسّـلام عليكــم ورحمــة اللّـه تعـالـى وبـركـاتــه.


Print This Post

كلمات البحث :;

اقرأ المزيد ...


نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.

Les commentaires sont fermés.