من أنوار التنزيل (15) : سورة البقرة

اخر تحديث : 30/06/2014
من قبل | نشرت في : الدين,تونس

سورة البقرة

بقلم الشيخ بشير طبابي

 

بســم اللّـه الـرّحمـان الـرّحيـم إنّ الحمـد للّــه نحمــده ونستعينــــه ونستغفــره. ونعـوذ باللّـــه مـن شـرور أنفسنـا وسيّئــات أعمـالنـــا. مـن يّهـــده اللّـــه فــلا مضــلّ لـه ومــــن يضــلل فـــلا هـــادي لــه. أشهـــد أن لا إلــه إلاّ اللّــه وحــده لا شــريـك لـه. وأشهــد أنّ محمّــــدا عبــــده ورسـلــه. وأمينــه علـى وحيـيــه وخيــرتـه مـن خلقــــه . المبعــوث بالـدّيـن القـويــم والمنهــج المستقيــم أرسلـــه اللّـه تعـالـى رحمــــة للعـالميـن. وإمـامـا للمتّقيــن وحجّـــــة علـى الخــلائــق أجمعيــن.
إخــوة الإيمـــان نتابع في مقالنا هذا تفسير الآية 21 من سورة البقرة. يقــول اللّــه تعـالـى فـي محكــم التنــزيــل. بعــد أعــوذ باللّـه مـن الشيطـان الـرّجيــم بســم اللّـه الـرّحمـان الـرّحيــم « يـــأيّهَـــا النَّــاسُ اعْبُــدُواْ رَبَّكُــمُ الَّــذِي خَلَقَكُــمْ وَالَّذِيــنَ مِــن قَبْلِكُــمْ لَعَلَّكُــمْ تَتَّقُــونَ (21) الَّــذِي جَعَــلَ لَكُــمُ الأَرْضَ فِـرَاشــاً وَالسَّمَــاء بِنَــاء وَأَنــزَلَ مِــنَ السَّمَــاء مَـــاء فَأَخْــرَجَ بِــهِ مِــنَ الثَّمَــرَاتِ رِزْقًــا لَّكُـــمْ فَــلاَ تَجْعَلـــواْ لِلّـــَهِ أَنـــدَادًا وَأَنتُـــمْ تَعْلَمُـــونَ(22) » صـدق اللّـه العظيـم.
يقـول تعـالـى منبّهـا العبـاد إلـى دلائـل القـدرة والـوحـدانيّـة « أيّهـا النّـاس اعبـدوا ربّكــم » أي يـا معشـر بنـي آدم اذكـروا نعــم اللّـه الجليلـــة عليكـم واعبـد اللّـه ربّكــــم الّذي ربّـاكــم وأنشأكــم بعـد أن لـم تكـونـوا شيئـا اعبـدوه بتـوحيـده وشكـره وطـاعتـه.
« الّذي خلقكـم والّذيـن مـن قبلكــم » أي الّذي أوجـدكـم بقـدرتـه مـن العـدم وخلـق مـن قبلكـم مـن الأمــم.
« لعلّكـم تتّقـون » أي لتكـونـوا فـي زمـرة المتّقيـــن. الفـائـزيـن بالهـدى والفـــلاح قـال البيضاوي لمّـا عــدّد تـعـالـى فــرق المكلفيــن أقبــل عليهــم بالخطـاب علـى سبيـل الالتفــات . هــزّا للسّـامـع وتنشيطـا لــه واهتمـامـا بأمـر العبـــادة وتضخيمـا لشأنهــا وإنّمـا كثّــر النّــــداء فـي القــرآن بيــا أيّهـا النّـاس لاستقــلالــه بــوجــه مـن التـأكيــد وكــلّ مـا نـالـه اللّـــه لــه عبــادة مـن حيـــث أنّهـا أمــور عظـــام مـن حقّهـا أن يتفطّنــوا لهـا ويقبلــوا بقلــوبهــم عليهـا وأكثــرهــم عنهـا غـافلـون .
حقيــق بــأن ينـادي اللّــه لــه بالآوكــد ولأبلــغ . عــدّد اللّــه تعـالـى نعمــه عليهــم فقــال « الّـذي جعــل لكــم الأرض فــراشــاً » أي جعلهـا مهــادا وقــرارا . تستقــرّون عليهـا وتفتــرشــونهـا كالبســاط المفــروش . مــع كــرويّتهـا وإلاّ مـا أمكنكــم العيــش والاستقــرار عليهــا . أليــس كــذلــك. قــال « البيضــاويّ » : « جعلهـا مهيئــة لأن يقعــدوا وينـامـوا عليهــا كالفــراش المبســوط . وذلـك لا يستــدعـي كــونهـا مسطّحــة لأنّ كــرويّــة شكلهــا مـع عظــم حجمهـا لا يــأبى الافتــراش عليهــا » .
« والسّمــاء بنـــاء » أي سقفــا للأرض مـرفــوعــة فـوقهـا كهيئــة القبّــة.
« وأنـزل مـن السّمــاء مـاء » أي مطــرا عــذبــا فــراتــا أنــزلــه بقــدرتــه مـن السّحــاب. « فأخــرج بــه مـن الثّمــرات رزقــا لكــم » أي بــذلـك المطــر أخــرج أنــواع الثّمـار. والفـواكــه والخضــاري غــــذاء للبشــر جميعــا.
« فــلا تجعلــوا للّــه أنــدادا وأنتــم تعلمــون » أي لا تتّخــذوا مــعـه شـــركاء مـن الأصنـام والبشــر تشـركـونهــم مـع اللّـه فـي العبـادة وأنتــم تعلمـون أنّهـا لا تخلــق شيئــا وأنّ اللّـه هــو الخـالـق الـرّازق وحــده ذو القــوّة المتيــن . قـال الإمـام « ابــن كثيــر » : « شــرع اللّـه تعـالـى فـي بيــان وحــدة ألـوهيّتــه بأنّــه هـو المنعــم علـى عبيــده بإخــراجهــم مـن العــدم وإسبـاغــه عليهــم بالنّعــم والمــراد بالسّمــاء هنــا السّحــاب » .
فهــو تعـالـى الّـذي أنــزل المطــر مـن السّحـاب فـي وقتــه عنــد احتيــاجــه إليهــم فأخــرج لهــم بــه أنــواع الـزّرع والثّمــار رزقــا لهــم ولأنعــامهــم ، ومضمــونــه أنّــه الخـالـق الـرّازق مـالـك الـدّار وسـاكنيهـا ورازقهــم فبهــذا يستحــقّ اللّـه أن يعبــد وحــده ولا يشــرك بــه غيــره واللّـه ورســولـه أعلــم نســأل اللّـه العلـيّ القـديـر أن يجعلنـا مـن مــن يستمعــون القــول فيتّبعــون أحسنـــه .
وعلــى أن ألقـاكــم فـي مقال جــديــد أستــودعكــم اللّـه الّـذي لا تضيــع ودائعــه والسّـلام عليكــم ورحمتــه اللّـه تعـالـى وبـركـاتــه.


Print This Post

كلمات البحث :;

اقرأ المزيد ...


نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.

Les commentaires sont fermés.