2 علـى خطـى الحبيـب محمّـد صلّى اللّـه عليـه وسلّـم : فـي سيـرة خيـر البـريئـة

بقلم الشيخ بشير طبابي

 

الحمــد اللّــه ربّ العـالميـن .خلــق الخلــق فمنهــم السّعــداء ومنهـم الأشقيّـاء . نحمــده تبـارك وتعـالـى علـى النعمــاء والسـرّاء . و نستعينــه علـى البـأســاء والضـرّاء . وأشهـــد أن لا إلـــه إلا اللّـــه وحــده لا شريــك لــه المهيمـــن والرقيـــب . وأشهــد أن سيــدنا محمــدا عبـــده ورسولـــه الأمـانــة والــوفــاء صلّـى اللّـه عليـه وسلّــم قـديمــا وكــذا المــلائكــة فـي السّمــاء . سيّــدي أبـا القـاســم يـا رسـول اللّـه صلّـى عليـك اللّـــه يـا علــــم الهــدى مـا هبّــــت النّســائــم ومـا نـاحــــت علـى الأيــك الحمــائــم .
أحبّتـــي فـي اللّـــه لنـواصـل مـع بعضنـا السيـر علـى خطـى الحبيـب محمّـد صـلـوات ربّي وسـلامـه عليـه.
لقـد أبتلـي المسلمـون بنكبـات وأزمـات كثيـرة مـرورا بـإزمـة الـردّة الطـاحنـة . والهجمـات التتّـاريـة الغـاشمـة . والحـروب الصليبيـة وسقـوط الأنـدلـس . وضيـاع القــدس الشّـريـف .واللّـه إنّنـي أشعـر بالأسـى والخجـل ويشـاركنـي هـذا الشّعـور كـلّ مسلـم غيـور أن تتصـاعـد أحـداث الأمّـة إلـى مـا وصلـت إليـه اليـوم . وأن يتجـاهـل كثيـر مـن علمـائنا ودعـاتنـا هـذا التّصاعـد الأليـم المروّع . وليتحـدّثوا فـي مواضيع أخـر.
فإنّنـي أرى مـن الـواجب علـى العلماء والـدّعاة . أن يكـونـوا علـى مستـوى أحـداث أمّتهــم الجـريحـة . ليشخـصوا الـداء بـدقّـة وأمـانـة ويحـدّدوا الـدّواء بـدقّـة وأمـانـة للخـروج بهـذه الأمّـة المظلـومـة المسكينـة المجـروحـة . مـن هـذه المهزلـة و مـن هــذه التبعيّــة الذّليـلة إلـى السيّـادة والـريّـادة والقيـادة التـي مـا خلـق اللّـه الأمّـة إلاّ مـن أجلهـا.
إخـوة الإيمــان إنّ نهـر الـدّم الّـذي لا ينقطـع قـد أصبـح واقعـا معتـادا ويحمـل بيـن ثنـايـاه مـزيـدا مـن الحسـرة والتّعـاسـة والمـرارة والألـم . دمـاء تسفـك وأشـلاء تمـزّق ومقـدّسـات تـدنّـس وكـرامـة تهـان . وفـي هــذا الـواقـع الجـريـح الأليــم . هبّـت ريـح سمـوم عصفـت بقلـوب كبيـرة وتـلاعبـت بعقـول كثيـرة . مـلأتهـا باليـأس والقنـوط . بـل ومـلأتهـا بالشّكـوك فـي عـدل ورحمـت ملـك الملـوك جـلّ وعلـى . وانطلـق كثيـر مـن الـرّجـال والنّسـاء والشّبـاب يسـأل بحسـرة ومـرارة أو لـم يقـل اللّـه جـلّ وعلـى « وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ » (الروم:47). أو لـم يقـل اللّـه جـلّ وعلـى »وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ » (النور: 55) أو لـم يقـل اللّـه جـلّ وعلـى “وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً » (النساء: 141) والجـواب بلـى . فيسـأل كثيـر مـن الشّبـاب أيـن النصـرة ؟ أيـن التمكيـن ؟ أيـن العـزّة ؟ أيـن الإستخـلاف ؟ فتعصـف ريـح الشّكـوك بقلـوب كبيـرة وعقـول كثيـرة . و ربمـا قـال كثيـر بقلوبهـم إلـى متـى يتـرك اللـه الظالميـن فـي ظلمهـم لقـد زاد ظلمهـم و طفـح . ألا يـرى اللـه ظلـم هـؤلاء الظالميـن المجرميـن . إلـى آخـر هـذه الأسئلـة .
ونكتفـي بهـذا القـدر فـي مقالنا لهـذا اليـوم وكـونـوا معنـا فـي مقال جـديـد إن شــاء اللّـه لكـي نجيـب علـى هـذه الأسئلــة المحيّـرة والمشكّكـة فـي عـدل ورحمـة ملـك الملـوك جـلّ وعلـى « اللّهـمّ إنّي أبـرئ مـن الثّقـة إلاّ بـك وأبـرئ مـن الأمـل إلاّ فيـك وأبـرئ مـن التسليـم إلاّ لـك وأبرئ مـن التفـويـض إلاّ إليـك وأبـرئ مـن التـوكّل إلاّ عليـك وأبـرئ مـن الصّبـر إلاّ على بـابك وأبـرئ مـن الـذلّ إلاّ في طاعتـك وأبـرئ مـن الرّهبـة إلاّ لجلالك العظيـم وأبـرئ مـن الـرّجاء إلاّ لمـا في يـديك الكـريمتيـن » وإلـى أن نلتقـي فـي لقـاء آخـر إن شــاء اللّـه أستـودعكـم اللّـه الّـذي لا تضيــع ودائعــه والسّـلام عليكـم ورحمـة اللّـه وبـركـاتـه .

كلمات البحث :الشيخ بشير طبابي;على خطى الحبيب

نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.