مشروع قانون المالية لسنة 2013 وأثره على قطاع السياحة

اخر تحديث : 04/11/2012
من قبل | نشرت في : .,الإقتصاد,تونس

لئن تلقى قطاع السياحة ضربة موجعة سنة 2011 فإنّه بدأ يتعافى خلال السنة الجارية، حيث استقبلت تونس إلى حدود 30 سبتمبر 4 ملايين و674 ألف سائح مسجلة بذلك زيادة بـ30,2 بالمائة عن الموسم المنقضي،. لكن هذه النتيجة تبقى دون الأرقام المحققة في سنة 2010 بـ 14,6 بالمائة باعتبار أن سنة2010 تُعد سنة قياسية في السياحة التونسية . لكن الأمور تغيرت بعد الإعتداءات الأخيرة التي استهدفت مقري سفارة الولايات المتحدة والمدرسة الأمريكية بتونس والأحداث التي تتالت بعد ذلك والتي كان لها تداعيات سلبيّة على نشاط القطاع السياحي حيث تم إلغاء الحجوزات السابقة وتوقفت الحجوزات للفترة الموالية.

واليوم جميع المتدخلين في القطاع السياحي من سلطة إشراف وأصحاب النزل ووكالات الأسفار جميعهم يعمل جاهدا من أجل طمأنة السائح الأجنبي وإعادة الثقة في تونس كوجهة سياحية آمنة وسالمة. وفي الأثناء وقع إبرام و كما هو معهود عقود موسم 2013 مع المتعاهدين الأجانب والتي حدد بموجبها ثمن الإقامة بالنزل للموسم السياحي 2013 الذي يتم الإعداد له منذ شهر سبتمبر خلال الصالونات الدولية التي تقام في الداخل والخارج.

لكن يبدو أن وزارة المالية وعند إعدادها مشروع قانون المالية لسنة 2013 والتي أفصحت عن بعض أبوابه قد تغافلت عمّا تم تقديمه حيث أن هذا المشروع قد تضمن إجراء توظيف معلوم على كل مقيم بالنزل التونسية يتجاوز سنه 12 عاما بقيمة 2 د على كل ليلة ستمكن من تعبئة موارد بقيمة 50 مليون دينار. فمن سيتحمل هذا الاجراء؟

صاحب النزل و الذي التزم مع المتعاهدين الأجانب ووكلات الأسفار و لم يحتسب في تقدير الكلفة هذا الاجراء المسقط والغير معلوم، حيث لا يمكنه اليوم التراجع عن تعهداته ولا يمكنه أيضا تحمل عبء هذا الإجراء الذي سيكلف أصحاب النزل ما يعادل 50 مليون دينار والحال أنّهم يتخبطون في المديونية جراء مردودية المواسم الفارطة والمشاكل الاستراتيجية التي يعرفها القطاع وكما هو معلوم إنّ السياحة التونسية تعاني من معضلتين أساسيتين وهي ديون القطاع التي أرهقت المهنيين والتبعية المطلقة لمتعهدي الرحلات الأجانب الذين يتحكمون في السوق وفي الأسعار والذين ساهموا بشكل كبير في التأثير على الأسعار ووجهة تونس.

كما أن هذا الإجراء الذي جاء به مشروع قانون المالية الأخير سيكون له الأثر السلبي على السياحة الداخلية التي سعت وزارة السياحة الى تشجيعها حيث عودة الروح في القطاع السياحي سنة 2012 ساهمت فيها السياحة الداخلية بنحو 30 بالمائة. واليوم وفي الظروف الراهنة من تدهور القدرة الشرائية والتضخم المتواصل للأسعار والتضييق في قروض الاستهلاك، فإن المواطن لم يعد قادرا حتى على التفكير في قضاء عطلته بالنزل. فلماذا لا يتم تدعيم السياحة الداخلية وتمتيع السائح التونسي بأسعار تفاضلية على غرار ما هو متعامل به في جمهورية مصر.

أمام كل نعتقد أنّه على الحكومة مراجعة هذا الإجراء الذي سيجعل قطاع السياحة برمته يتخبط أكثر مما هو عليه والتفكير في حلول جذرية للنهوض بهذا القطاع وحلّ لمشاكله الهيكلية، خاصة وأن هذا القطاع يعد من أهم القطاعات الحيوية حيث يساهم في حدود 7 % من الناتج الداخلي الخام و 400.000 موطن شغل مباشر وغير مباشر كما يغطى 56% من عجز الميزان التجاري للبلاد، ومصدر للعملة الصعبة حيث تُقدّر مداخيله بـ 3000 مليون دينار تمثل 12 % من المداخيل العامة للبلاد.

ومن الحلول المعروضة عوضا عن هذا الإجراء توظيف معلوم جبائي « معلوم دخول » على الوافدين على الحدود التونسية بقيمة 10 أورو (معلوم رمزي و لا يثقل كاهل السائح و متعامل به في العديد من الدول على غرار مصر) مما سيساهم في تعبئة 100 مليون دينار عوضا عن 50 مليون دينار المأمولة و يمكن استغلال الفارق في دعم السياحة الداخلية وإرساء أنظمة تضمن النوعية الكاملة للمنتوج السياحي التونسي.

زياد بن عمر


Print This Post

اقرأ المزيد ...


نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.
  1. أتفق تماما واشكر السيد زياد بن عمر وأزيد انه من الواضح ان صانعي القرارات ليست لديهم الخبرة الكافية في قطاع السياحة ولا اللذين يستشيرونهم ؛ فلا أري اي ذكاء ولا منطق ولا نتاءج إيجابية ترجي من إثقال كاهل أصحاب النزل الذين يعانون من نقص في عدد السياح وفي المداخيل لأن الأسعار جد منخفضة لعدم وجود الطلب الكافي وانعدامه تماما خلال فصل الشتاء و الي غاية شهر جوان أحيانا فمن المستحيل أن يقبل اي منظم رحلات او وكالات الأسفار الأوروبية أي زيادة بل بالعكس تماما كلهم ينتظرون التخفيظات وهذه حقيقة يعلمها الجميع وبدون تجريح لاي كان أرجو من الذين وضعو قرارات كهذه التراجع عنها ثم الإستقالة فورا قبل أن يكشف للجميع عدم كفاءتهم و قصر نظرهم ويتحقق مالا يرجي عقباه إذ أن معضم أصحاب النزل او مأجري النزل او مديريهم لا قدرة لديهم اليوم في المواصلة وتغطية كامل المصاريف فيضطرون الي إغلاق النزل للحد من المصاريف وخاصة الرواتب ،  فيجد عشرات الألاف او ربما مءات الألاف بفضل قرارات خطيرة مثل هذه انفسهم بدون شغل او دخل  نرجو من المسؤولين إعادة النظر وإستشارة أصحاب الخبرة والكفاءة في هذا القطاع المصيري لاقتصادنا وتأمين كمية اكبر من العملة الصعبة لسد ديوننا الخارجية والواردات وتأمين اكثر ما يمكن لمواطن الشغل المباشرة والغير مباشرة.