هل استجابت مسوّدة الدستور إلى تطلعات التونسيّين؟

اخر تحديث : 08/01/2013
من قبل | نشرت في : .,السياسة,تونس

نشرت رئاسة المجلس الوطني التأسيسي كما هو معلوم مسوّدة مشروع الدستور الجديد للبلاد، وأشرف نواب المجلس على جلسات حوار حول الدستور في مختلف الولايات، كما نشرت عديد المنظمات والجمعيات والشخصيات عن قراءتها لهذه المسوّدة، وفي الوقت الذي كنا ننتظر أن يحظى مشروع الدستور بالقبول على اعتبار ما أكّده النواب من عملهم على تقديم دستور توافقي يراعي خصوصيات مختلف مكوّنات الشعب التونسي وتوجّهاته الفكرية ومرجعياته الإيديولوجيّة تُفاجئنا مختلف القراءات بانتقاد شديد لما أنجزه نوابنا خلال سنة كاملة حيث اعتبر البعض أنّ عديد الفصول من الدستور الجديد مُستنسخة من دستور 1959، وتضمّنت المُسوّدة عديد الأخطاء في الرسم والتعابير الغامضة والركيكة التي لا ترتقي لأن تكون في دستور.
رئيسة نقابة القضاة التونسيين السيدة « روضة العبيدي » اعتبرت مسوّدة الدستور « مؤامرة » في حق الشعب التونسي لما ورد فيها من مس باستقلالية القضاء والسعي إلى تسييسه من خلال المجلس الأعلى للقضاء باعتبار التركيبة التي سيكون ربعها فحسب منتخبا في حين البقية ستُعين من المجلس الوطني التأسيسي ومن السلطة التنفيذية بالإضافة إلى « دسترة مسألة الإعفاء ».
الحقوقيّون بدورهم اعتبروا عدم التنصيص على كونيّة وشمولية حقوق الإنسان مرجع واضح للحقوق والحريات يفقد هذه الأخيرة المرجعية الحقوقية الواضحة والمتعارف عليها دوليا، هذا بالإضافة إلى توجّسهم من تكرار عبارة « ما يضبطه القانون » التي تكرّرت في عديد الفصول يمكن أن يقيّد الحريات.
الفصل الأوّل والذي تمّ الإبقاء عليه في مسعى للتوافق لا يزال البعض يعتبره غير ضامن لأن يكون الإسلام هو مرجع أساسي في الدولة باعتبار أنّه ورغم وجود هذا الفصل طيلة خمسة عقود تمّت محاصرة كل مظاهر التديّن في البلاد وتغريب الشعب عن هويته الإسلاميّة، وعلى طرف النقيض من هذا الرأي هناك من يرفض هذا الفصل ويعتبر أنّ الإسلام دين الناس وليس الدولة ويرون في هذا الفصل هضما للأقليات من الديانات الأخرى.
هذا غيض من فيض ما تطرحه مختلف الحساسيات الفكرية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني حول مسوّدة الدستور، والأكيد أنّ مناقشتها والإلمام بمختلف المواقف حولها يحتاج إلى صفحات عديدة غير أنّه لا بدّ من سوق ملاحظة هامّة وهي أنّ هذه النقاشات والقراءات لا تبتعد كثيرا عمّا يدور تحت قبّة المجلس الوطني التأسيسي لكنّها بعيدة عن هموم المواطن البسيط الذي يبحث عن لقمة العيش في مناخ يسوده الأمن.


Print This Post

اقرأ المزيد ...


نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.

Les commentaires sont fermés.