كيف يمكن لتونس أن تتحول إلى قطب اقتصادي ومالي إقليمي ؟

اخر تحديث : 09/02/2014
من قبل | نشرت في : الإقتصاد,تونس

مراد حطاب

بقلم : مراد حطاب خبيراقتصادي

تعرف الأقطاب الاقتصادية والمالية عموما على أنها هياكل تقوم على بنية تحتية ضخمة لإدارة استثمارات مالية وصناعية وخدماتية كبرى ، في مناخ أعمال يعتمد كليا على الشراكة بين القطاعين العام والخاص بغاية التطوير الكبير لنسب النمو واستقطاب التمويلات في إطار جبائي ملائم على مستوى إقليمي متناغم بالأساس .

وبالرجوع للتجارب الرائدة في هذا المجال خصوصا في بداية ستينات القرن الماضي يذكر أن دولا عديدة ارتفعت إلى مصاف الأقطاب الجديدة على مستوى النمو وتكوين الثروات القارة، والتمتع بضخ كبير للتمويلات الخارجية بشتى أصنافها فضلا عن ضمان توازن القطاع الخارجي وهي بالأساس بلدان جنوب شرق أسيا و دولة جنوب إفريقيا ، وكان إشعاعها جهويا و إقليميا غير مسبوق على مستوى النواتج الداخلية الخام التي تجاوزت مليار دولار أمريكي و تحقيق نسب نمو فاقت 7 % فضلا عن التحكم في نسب البطالة إلى ما دون 5,75 % من مجموع اليد العاملة النشيطة .

كما التحقت بالركب مؤخرا دولا صاعدة عديدة على غرار البرازيل و روسيا و الصين التي غدت متضمنة لما يناهز61 في المائة من النمو العالمي حسب معطيات الصندوق النقد الدولي ، محققة بذلك تطورا في نسق حصصها في تطوير الاقتصاد العالمي حسب معطيات الصندوق النقد الدولي في حدود 27 % .

ورغم الهزات و الأزمات المالية التي شهدها العالم مند 1997 و تفاقمها مع بداية سنة 2007 فان الدول المذكورة لم تتأثر كثيرا بأبعادها و تداعياتها نظرا لصلابة دعائمها المالية وانتهاجها قواعد الحذر ومعايير الحكومة الرشيدة في مجال إدارة توازنها المالية والاقتصادية ، رغم تباطؤ نسبي في نسق نموها و تسجيلها لضعف الطلب و الاستهلاك و تدحرج موازين دفوعاتها نسبيا .

معايير التحول إلى قطب اقتصادي و مالي إقليمي

ما فتئ الخبراء والباحثون في المراكز الإستراتيجية لتطوير النمو وتكامل الاقتصاديات يؤكدون على أن الركيزة الأساسية لبلوغ مرحلة الريادة الإقليمية ترتبط إلى حد بعيد بالاستقرار السياسي ووضوح الرؤية بالمعنى الشامل للمصطلح ، وهو ما يضمن تعبئة الموارد المالية في تعظيم المكاسب في مجالات التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التكنولوجيا والقروض والمساعدات بمختلف أصنافها .
وحسب خبراء الاستشراف و المختصون في الدراسات المستقبلية يمثل وجود سياسات اقتصادية كلية عامة و ثابتة و مستديمة سيما على النطاق المحلي، شرطا ضروريا للاستفادة من الإمكانيات المتاحة أيا كان حجمها أو قيمتها تدعمها بالضرورة وفي ذات الوقت المساعدات الأجنبية خصوصا في إطار المشروعات التنموية الكبرى .

ويؤكد الأكاديميون وأصحاب القرار أن التحولات الديمقراطية في عدد من دول الشرق الأوسط و شمال إفريقيا ستساهم لا محالة سوى على المدى المتوسط أو الطويل في رفع مساهماتها في التجارة العالمية خلال العقد القادم إلى 20 في المائة ومن المتوقع أيضا ارتفاع المساهمة في الناتج المحلي الخام الى 5,5 في عام 1934 مقابل 2,4 في المائة حاليا .

أهم الخطوات لتكون تونس قطبا اقتصاديا

تجدر الإشارة إلى أن دول شمال إفريقيا بصفة خاصة تحتاج إلى تعبئة مواردها المالية للترفيع في معدلات الاستثمار على الأقل بـ 10 نقاط مئوية أساسية والتي حاليا لا تتجاوز 21 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وذلك بهدف بلوغ نمو حقيقي بـ 3 في المائة ودعمه باستمرار. من خلال توجيه الموارد نحو القطاعات المنتجة و تقوية دعائم الاندماج التجاري والاستثماري والتعاون إقليميا بغية تعزيز الإمكانات الإنتاجية بالخصوص وتفعيل الطلب الاستهلاكي غير المستغل على النحو الأمثل.

ونظرا لما سبق بيانه لابد من تركيز العوامل والمتغيرات المؤثرة ايجابيا على قيام سوق مهيكل أكثر حيوية في إطار مؤسساتي وقانوني يدعم تطور اقتصاد أكثر فاعلية ، وتوفير بيئة تنافسية تضمن شفافية أكبر لنشاط المؤسسات الاقتصادية بتطبيق معايير الحكومة ، إلى جانب إجراءات صارمة لمكافحة الفساد.
ومن هذا المنطلق يمكن لتونس أن تدر استثمارات قيمتها 26 مليار دولار على مدى العشر سنوات القادمة مما قد يحولها إلى قطب مالي قائم الذات في ميادين عدة ، أهمها التحكم في الطاقة وتطوير الخدمات المصرفية وإعادة تركيز منظومة صناعية جديدة وإحداث بنية تحتية للنقل متعدد الوسائط ، فضلا عن هيكلة القطاع الصحي في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص والمحافظة على المحيط وصياغة نموذج جديد للسياحة.

 

 


Print This Post

كلمات البحث :;

اقرأ المزيد ...


نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.

Les commentaires sont fermés.