الاكتتاب العام في ميزانية الدولة… لماذا ؟

اخر تحديث : 09/03/2014
من قبل | نشرت في : الإقتصاد,تونس

مراد الحطاب

بقلم : مراد الحطاب

بمبادرة من وداد بوشماوي رئيسة منظمة الاعراف التونسية وبسعي من رئاسة الحكومة ، سيتم التوجه قريبا الى اصدار قرض رقاعي عمومي  وهو الثالث من نوعه في التاريخ المالي الحديث للبلاد التونسية ، الهدف منه تعبئة موارد مالية داخلية من خلال مجهود عام تشارك فيه كافة الاطياف الاجتماعية والاقتصادية عن طواعية وحسب امكانيتها على مستوى فوائض السيولة المتاحة لديها ، سنحاول التطرق الى تفاصيل تجسيمه .

في البداية ، يجدر التعريف بالقروض الرقاعية العمومية حسب المفاهيم والمعايير المالية كعمليات تصدر في اطارها الدولة سندات ديون بقيمة اسمية محددة وعلى اقساط مختلفة تعرض على الذوات الطبيعية والمؤسسات بشتى اصنافها ، خاصة وحكومية ، كنمط من الاستثمار المالي يقابله دفع فائض بعد اجل محدد حسب اصناف الرقاع وذلك بضمان الدولة لضخ الاموال المعبئة مباشرة في خزينة الدولة تلبية للحاجيات العاجلة من السيولة وقد شهدت عدة بلدان الاعتماد على هذا الصنف من القروض اهمها فرنسا والولايات المتحدة الامريكية .

رؤية عامة حول اليات التجسيم

فنيا ورغم ان العملية تبدو في ظاهرها معقدة فان تجسيمها على المستوى العام بسيط ، اذ ان نقطة الانطلاق تبدا بتحديد المبلغ الذي تحتاجه الخزينة العامة لسد حاجيات السيولة والمقدر ، في هذا السياق ، بما يناهز الخمس مليار دينار مبدئيا ومن ثمة تتجه هيئة السوق المالية والأطر المالية المختصة في رصد قيمة اصدار السندات وهوامش الفائض المترتبة عن التوظيف فيها اضافة الى تقسيمها زمنيا وذلك في اطار نشرية توضح كافة تفاصيل العملية طبقا للتراتيب الجارى بها العمل في هذا الخصوص .

في مرحلة ثانية ، يقع الشروع في القيام بحملة تحسيسة الهدف الاساسي منها تحديد الفئة المستهدفة على المستوى الاستثماري وهي ، حسب التجربة ، تتألف من نواة صلبة هي المؤسسات الحكومية ذات الفائض على المستوى النقدي وكذلك المؤسسات الكبرى والمجمعات الخاصة وصناديق التوظيف العاملة بالأساس في المجال المالي .

غير ان الحكومة الحالية تراهن على روح المواطنة لدى التونسيين لمشاركة الذوات الطبيعية من اجراء وأصحاب مهن حرة وغيرهم اضافة الى المؤسسات الصغرى والمتوسطة كل حسب الظروف المرتبطة بإمكانياته في اقتناء سندات الديون مهما كانت قيمة المساهمة على هذا المستوى ، معولة في هذا الاطار على وعي التونسي لتوفير السيولة الكافية لتحريك عجلة الاقتصاد وتجنب الالتجاء المفرط الى الاقتراض الخارجي .

افاق النجاح

عموما وقبل التفكير في عمليات الاقتراض العمومي يقوم المختصون في المالية بدراسات مستفيضة لاستشراف سبل ضمان النجاح لها ومن غير شك فان المبادرين بالمشروع قد حددوا مسبقا فئات كبرى من المستثمرين الذين عبروا عن استعدادهم للانخراط في انجاح العملية وانطلاقا من التجارب المشابهة فان زخما من المشاركة من اطياف اخرى يتبع في العادة المبادرات الاولى مما يشكل في الواقع عملية مسترسلة تختم في اغلب الاحيان بتعبئة المبلغ المطلوب .

في اعتقادنا ، سيساهم نجاح العملية شبه المتأكد بناءا على قراءتنا الفنية البحتة للموضوع في التخفيف من الاعباء المالية التى تتحملها الدولة التونسية لاسيما في هذا الظرف الدقيق كما ان تعبئة خمسة مليارات من الدنانير يغطى تقريبا 60% من حاجيات السيولة العاجلة المزمع استثمارها في مجال انجاز المشاريع الجهوية بالأساس وتخفيف الضغط على مستوى الانفاق الحكومي فضلا عن استعمال جزء كبير من الموارد في تحسين توازنات المؤسسات الملية بشكل عام .

من المؤكد ان الحكومة الحالية والمنظمات الكبرى تبدي استعدادا كبيرا لتنويع مصادر دخل الدولة بالانفتاح على المجتمع وتشريك المستثمرين في مجالات تحسين التوازنات المالية الكبرى للبلاد وفي هذا الصدد فانه من المنتظر في الفترة القريبة تجسيم عمليات مشابهة ولكن بالاعتماد على مستثمرين مرجعيين اجانب لهم طاقات كبرى في مجال التمويل خصوصا على المدى الطويل .


Print This Post

كلمات البحث :;

اقرأ المزيد ...


نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.

Les commentaires sont fermés.