التونسي وسلوكه الادخاري

بقلم مراد الحطاب

مختص في إدارة المخاطر المالية

يعتبر الادخار ظاهرة اقتصادية واجتماعية تمكن من تكوين احتياطي يفيد بالتناوب الاستثمار والإنتاج والتشغيل كما يتيح خلق الثروة الثابتة ويزيد في كمية العمل المنتج اضافة الى دعم النمو . في جانب آخر، يجمع المحللون على ان الادخار صنفين : ادخار اختياري وادخار اجباري ينتج عن مقتضيات القانون كالادخار التقاعدي والادخار عن طريق دفع الضرائب . وقد لوحظ في بلادنا منذ سنوات بداية تأرجح الادخار مقارنة بالدخل القومي حيث تناهز نسبته اليوم 15,8 % وهو ما يطرح اسئلة حول سلوك التونسي استهلاكا وادخارا ودور الحوافز المشجعة اضافة الى ظاهرة اكتناز الاموال واستخدامها خارج المنظومة المالية.

قامت السلط النقدية مؤخرا بالترفيع في قيمة الفوائض على حسابات الادخار بنسبة 0,5 % كما نوعت الخدمات والنواتج الى جانب التصدي لعمليات السحب المكثف من الارصدة ووضعت عديد الحوافز الجبائية لتشجيع الافراد والمؤسسات للادخار لتحسين مستوى سيولة الاقتصاد الوطني التى لا تتجاوز نسبته 60% وذلك عملا على الحفاظ على توازن سوق المال وتامين حاجيات الاقتصاد فضلا عن التحكم في التوازنات المالية العامة للبلاد.

قراءة عامة

تتداخل في تكوين مستوى الادخار في تونس عدة عوامل اقتصادية اهمها التحكم في مردودية عوامل الانتاج التى تساهم في خلق ثلث مستوى النمو العام وتساهم بقدر كبير في السيطرة على التضخم كما يلاحظ من خلال عديد الدراسات ان تركيبة الادخار في بلادنا تقوم على ثلاث مكونات اولها ادخار الافراد والعائلات الذي يستخدم اجمالا لاقتناء المحلات السكنية وتهيئتها كما يستعمل في اغراض التوظيف المالي ويمكن ان يتم اكتنازه في بعض الحالات وهو يشكل ربع الادخار الوطني . ويتكون الادخار الوطني كذلك من فوائض ميزانيات المنشئات العمومية باعتبار الفوارق بين مواردها الذاتية ومصاريفها الجارية ويشمل هذا الصنف من الادخار فوائض سيولة الصناديق الاجتماعية والجماعات المحلية العمومية.

لمحة حول توزيع الادخار البنكي في تونس

بحساب ملايين الدنانير

 

المصدر : مذكرة الاحصائيات المالية ، البنك المركزي التونسي

ويهم الصنف الثالث من الادخار المؤسسات ، خاصة وعامة ، التى تعمل على تثمين فوائض ارصدتها بالتعويل بكثافة على مراعاة الضغوط النقدية ومتابعة مستوى اسعار الفائدة بالبلاد اضافة الى استراتيجيات البنوك وتحركاتها في المجال التمويلي .

الاشكالات والافاق                             

من الممكن الجزم ولو بهامش خطا محدود ان سلوكيات المدخرين في تونس تخضع الى حد كبير الى عوامل وثيقة الصلة بالاستهلاك وتطور المداخيل يضاف الى ذلك تاثير عوامل اخرى على غرار التوقي من الازمات والهزات النقدية والمالية التى  تخفض من الاموال المرصودة للادخار بشكل ملموس .

مهما يكن من امر يعتبر اليوم تطوير الادخار الوطني ومجابهة مخاطر تأرجحه اولوية قصوى لاستعادة الانتعاش ومحاربة ما اصبح عليه الاقتصاد الوطني من اقتصاد ندرة مع ما ترتب عن ذلك من ضغوط تضخمية دعمت الاستهلاك وأضعفت من زخم الادخار بشتى اصنافه وتجدر الاشارة الى ان المنظومة الادخارية الوطنية لها خصوصية تجعل من الرصيد الثابت للادخار لا يتجاوز نسبة 65 % من الارصدة العامة وهو ما دعا كافة المتدخلين الى استحداث اشكال متجددة يتعين دعمها على غرار حسابات الادخار الموجهة للتوظيف في الاسهم وشهادات الايداع والادخار السكني المدروس فضلا عن مساندة الادخار المخصص للمساهمة في رؤوس اموال المؤسسات بفضل ما يتيحه من اعفاءات جبائية هامة  .

غير ان مسؤولية مؤسسات القرض والهياكل التمويلية تبقى مصيرية على مستوى تفادي الفشل التسويقي لجل الخدمات الادخارية المستحدثة باعتبار ضعف الدراسات وفهم واقع ونفسية المدخر التونسي كما ان ازدهار سوق مالية ونقدية مفتوحة بالدينار والعملات الاجنبية لتوظيف الاموال وادخارها يمكن ان تمثل حلا صلبا لدعم الاقتصاد المالي والبنكي في تونس برمته وهو الضامن الاساسي لدعائم الاستقرار في البلاد عل اختلاف المستويات .

كلمات البحث :الادخار;مراد الحطاب

نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.