مــــن أنـــــوار التنــزيـــل (17) : الآية 24 من سورة البقرة

اخر تحديث : 02/07/2014
من قبل | نشرت في : الدين,تونس

سورة البقرة

بقلم الشيخ بشير طبابي

بســم اللّـه الـرّحمـان الـرّحيـم ، إنّ الحمـد للّــه نحمــده وستعينـــــه ونستغفــره ونعـوذ باللّـــه مـن شـرور أنفسنـا وسيّئــات أعمـالنـــا ، مـن يّهـــده اللّـــه فــلا مضــلّ لـه ومــــن يضــلل فـــلا هـــادي لــه ، أشهـــد أن لا إلــه إلاّ اللّــه وحــده لا شــريـك لـه وأشهــد أنّ محمّــــدا عبــــده ورسـلــه وأمينــه علـى وحيـيــه وخيــرتـه مـن خلقــــه المبعــوث بالـدّيـن القـويــم أرسلـــه اللّـه تعـالـى رحمــــة للعـالميـن وإمـامـا للمتّقيــن وحجّـــــة علـى الخــلائــق أجمعيــن .
أمّـا بعـد إخــوة الإيمــان يقــول اللّــه تعــالـى فـي محكــم التنــزيــل فـي ســورة البقــرة بعــد أعــوذ باللّـه مـن الشيطـان الـرّجيــم بســم اللّـه الـرّحمـان الـرّحيــم « فإن لـــم تفعلـــوا ولــــن تفعلــــــوا فــاتّقــوا النّـــار الّتــي وقـــودهــا النّــاس والحجــارة الّتـــي وقــــودهــا النّـــاس والحجـــارة أعـــدّت للكــافــريــن آيـــــــة (24) » فإن لــم تقـــــدروا علـــى الإتيـــان بمثـــل ســـورة مــن ســـــوره وعجــــزتــم فـــي المــاضــي علـى الإتيـــــان بمـا يســاويـــه أو يــدانيـــــه مــع استعــانتكــــم بالفصحـــاء والعبــاقـــرة والبــلغـــاء.
« ولــــن تفعلــــــوا » لـــن تقـــدروا فــي المستقبــــل أيضـــــا علـــى الإتيــــان بمثلــــــه . والجملــــة اعتراضيــة للإشـــارة علــى عجــــز البشـــــر فـي الحــاضــر والمستقبــــل كقـــولــه تعــالــى « لا يــأتــون بمثلـــــه ولـــو كــان بعضهــــم لبعـــض ظهيـــــرا »أي معينـــــا .
قــال ابـن « كثيــــر » : « تحــدّهــم القــرآن وهــم أفصـــح الأمـــم ومــع هـــذا عجــزوا وحــرف لــن لنفــي التــأبيــد فــي المستقبـــل أي لــن تفعلـــوا ذلــك أبـــدا وهــذه أيضـــا معجـــــزة أخـــرى وهــو أنّــه أخبــر خبــرا جـازمــا قـاطعــا غيـــر خـائــــف ولا مشفـــق أنّ هــذا القــرآن لا يعــارض بمثلـــه أبـــد الآبــديــن ودهــر الــدّاهــريـــن » .
أيّهــا الإخــوة الكــرام إنّ مــن تــدبّــر القــرآن وجــد فيـــه مــن وجـــوه الإعجــازي فنـــونــا ظـاهــرة وخفيّــــــة مــن حيــث اللّفـــظ ومــن حيــــث المعنـــى ، والقـــرآن جميعــه فصيـــــح فــي غــايــــة نهــايـــة الفصــاحـــة والبيــان عنـــــد مــن يعــــــرف كـــــلام العــــرب ويفهـــــم تصــــاريــــف الكـــلام العـــرب ويفهـــــم تصــاريــف الكــلام.
يقـــول اللّــه تعــالـى بعــد ذلــك : « فــاتّقــوا النّـــار » أيّهـــا النّــاس أحــذروا عــذاب النّـــار واحـــذروا نــار الجحيـــم الّتــي جعلهــا اللّــه جـــزاء للمكــذّبيـــن.
« الّتــي وقـــودهــا النّــاس والحجــارة » أي إتّقـــــوا النّــار الّتــي مـادّتهــا الّتــي تشتعــل بهـــا وتضـــــرم لإقـــادهــا هــي الكفّـــار والأصنـــام الّتــي عبــدوهــا مــن دون اللّـــه تعــالـــى ، وهـــذا مثـــل قــولـــه تعــالــى « إنّكــــم ومـا تعبـــــدون مــن دون اللّـــه حصـــب جهنّـــــم » . قــال مجــاهـــد الحجـــارة هــي حجــارة مــن كبــريــت أنتـــن مــن الجيفـــــة يعـــذّبـــون بهــا مــع النّـــار.
« الّتـــي وقــــودهــا النّـــاس والحجـــارة أعـــدّت للكــافــريــن » هيّئــــت تلـــك النّـــار وأرصـــــدت للكــافـــريـــن مــن الجـاحــديــن ينـالــون فيهـــا ألـــوان العــــذاب المهيـــــن. نعــوذ باللّــــه مـن الجحيـــم وعــذابهـــا . والخـــلاصـــة أنّ التحـــدّي كـــان متنـــوّعــا فــي هـــذه الآيــــــات السّــابقــــة مــرّة بالنظـــــم والمعنـــى . مـــرّة بالنظـــــم دون المعنــــى . إفتـــراء شـــيء لا معنــى لــه وفــي كـــلّ الأحـــوال ظهــــر فشلهــــم أجمعيــــــن وأرشـــدت الآيــة « فإن لــم تفعلـــوا » علــى ظهــور العجــز التّــام علــى المعـارضــة وعلـى استحقــاق الكـافـريــن النّــار ، لإنكــارهــم نبــوّة النّبـيّ صلّـى اللّــه عليـه وسلّــم ولعــدم تصــديقهـــم بالقــرآن ، وعلـى أنّ مـن اتّقــى النّـار تــرك المعـانــدة وعلـى أنّ النّــار مخلــوقــة مهيّئــة مــوجــودة ومعـــدّة للعصــاة والفسّــاق والكفّـــار واللّــه ورســولـه أعلــم والسّـلام عليكــم ورحمــة اللّـه وبـركـاتـه.


Print This Post

كلمات البحث :;

اقرأ المزيد ...


نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.

Les commentaires sont fermés.