مـن أنــوار التنــزيــل (11) : سورة البقرة

اخر تحديث : 24/06/2014
من قبل | نشرت في : الدين,تونس

سورة البقرة

بقلم الشيخ بشير طبابي

الحمــد للّــه رب العالميــن يسمــع دعـــاء الخلائــق ويجيـــب يؤنــس الوحيــد ، ويهــدى الشريــد ، ويذهــب الوحشــة عــن الغريــب يغفــر لمــن استغفــره ، ويرحــم مــن استرحمـــه ، يستــر العصـــاة ، ويمهـــل البغـــاة ، ومــن تــاب منهـــم قبــل تــوبتــه . مـن أطاعــه تـــولاه ، ومن غفــل عنــه لا ينســاه ، وأشهــد أن لا إلــه إلا اللّــه وحــده لا شريــك لــه المهيمـــن والرقيـــــب . مــن تبــع شرعــه والاه ، ومــن تقــرّب إليــه فــاز بالتقريــب. مــن أوى إليــــه آواه ، ومــن استحيـــا منه فليـــس عليــه تثريـــب . مــن توكّــل عليــه كفـــاه ، و مـن التجــأ إليــه فالفــرج قريــب . وأشهـــد أن سيدنـــا محمّـــدا عبــده ورسولـــه المقــرّب والحبيــب . خلقـــه نعمــة ، ومبعثـــه رحمــة ، وشمـــس سنتـــه لا تغيـــب . مــن سلّـــم عليــه رد عليــه السّــلام ، ومــن صلّـــى عليــه فهـــو مـــن الجنــــة قريــــب . مــــن رآه فــــى المنـــام فقـــــد رآه ، ومـــن بايعـــه فقــــد بايــعي اللّــــه ، ومـــن دعـــا عنـــد قبــــره أجيــــب . اللّهــمّ صـلّ وسلّـــم وبــارك عليــه عــدد مــا وسعـــه علـــم الحســـاب . و علــى الصحـــب و الآل و كــلّ مـــن انتســــب إليـــه مـــن بعيــد أو قريــــب.
أحبّتــي فـي اللّـه لنـواصـل الحـديـث فـي أنــوار القــرآن فـي ســورة البقــرة يقــول اللّـه تعـالـى بعـد أعـوذ باللّـه السّميـع العليـم مـن الشيطــان الـرّجيــم « وإذا لقــوا الّـذيـن آمنــوا قـالـوا آمنّــا وَإِذَا خَلَــوْا إِلَـى شَيَاطِينِهِــمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُــمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْــزِؤُونَ (14) اللَّــهُ يَسْتَهْــزِئُ بِهِــمْ وَيَمُدُّهُــمْ فِــي طُغْيَانِهِــمْ يَعْمَهُــونَ (15) أُوْلَئِـــكَ الَّذِيــنَ اشْتَــرُوُاْ الضَّلالَــةَ بِالْهُــدَى فَمَــا رَبِحَــت تِّجَارَتُهُــمْ وَمـَا كَانُـواْ مُهْتَدِيــنَ (16) صــدق اللّـه العظيــم .
قــال اللّـه تعـالــى منبّهــا إلـى مصـانعهــم المنـافقيــن « وإذا لقــوا الّـذيـن آمنــوا قـالـوا آمنّــا » أي إذا رأوا المـؤمنيــن وصـادفـوهــم أظهــروا إليهــم الإيمـــان المــوالاة نفـاقـا ومصـانعــة.
« وإذا خلــوا إلـى شيـاطينهــم » أي إذا انفــردوا ورجعـوا إلـى رؤســائهــم وكبــرائهــم أهــل الضّــلال والنّفــاق.
« قــالـوا إنّـا معكــم إنّمـا نحــن مستهــزؤون » أي قـالـوا لهــم نحـن علـى دينكـــم . علـى مثــل مـا أنتــم عليــه مـن الاعتقاد وإنّمـا نستهـــزأ مـن القــوم ونسخــر بهــم بإظهـــار الايمـــان.
قــال تعـالـى ردّا عليهــم « اللّــه يستهــزئ بهــم » أي اللّـه يجـازيهــم علـى استهــزائهــم بالإمهـال ثــمّ بالنّكــال قـال « ابـن عبّــاس » رضــي اللّـه عنــه : « يسخـــر اللّـه بهــم للنقمـــة منهــم ويملــي لهــم » لقــولــه « وأملــي لهــم إنّ كيــدي متيـــن » (القلــم آيــة 45) . قـال « ابــن كثيــر » : هــذا إخبــار مـن اللّــه تعــالـى أنّــه مجـازيهــم جــزاء الاستهزاء ومعـاقبهــم عقـــوبـــة الخـــداع فاستهــزاء اللّــه ليــس كاستهــــزاء المقيــن وفـي القـرآن مـن ذلـك نظــائـر . مثــل قــولــه « وجــزاء سيّئــة سيئة  مثلهــا فمــن عفــا وأصلــح فأجــره عــلـى اللّــه إنّــه لا يحــبّ الظّـالميــن » (الشــورى آيـة 40) ومثــل قــولــه « فمـن اعتــدى عليكــم فاعتــدوا عليــه مثــل ما اعتـــدى عليكــم واتّقـوا اللّـه واعلمـوا أنّ اللّـه مـع المتّقيــن » (البقـرة آيــة 194) الأوّل ظلــم والثّــانــي عــدل، واللــّه ورسـوله اعلــم. أستــودعكــم اللّـه الّـذي لا تضيــع ودائعــه والسّـلام عليكــم ورحمــة اللّـه تعـالـى وبـركـاتــه.


Print This Post

كلمات البحث :;

اقرأ المزيد ...


نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.

Les commentaires sont fermés.